في هذه السلسة الوثائقية المعنونة بـ”قصة الرياضيات” يأخذنا بروفيسور الرياضيات ماركوس دي سوتوي في رحلة علمية تتوقف عند أهم المراحل التي مر بها تاريخ الرياضيات. محاولًا إبراز أهم إسهامات مختلف الحضارات في تقدم الأفكار الرياضية.
بدءًا بالمصريين، إذ اقترنت الرياضيات لديهم بجوانب عملية – تطبيقية اهتمت في الأصل بالفلاحة والمعمار..
مرورًا بالبابليين، حيث ارتبطت الرياضيات عندهم بالفَلَك وحساب التوقيت… وإليهم يعود الفضل في اكتشاف النظام الستيني الذي نستخدمه إلى الآن…
والحضارة الصينية، حيث اكتشاف طريقة حساب الجذور التربيعية والتكعيبية…
والهندية، التي اخترعت الصفر وطورت نظام عد أبسط وأكثر اقتصادًا، وأسهم بعض علمائها مثل: “براهماغوبتا” في حل بعض المعادلات…
ومع الإغريق، ستشهد الرياضيات قفزة نوعية ففي هذه المرحلة تأسست الرياضيات بوصفها علمًا؛ إذ صارت الرياضيات تقوم على البرهان، وأخذت منحًى تجريديًّا أكثر منه تطبيقي، وهذا ما تَبَدَّى في أعمال فيثاغورس وهيباسيوس وارخميدس وإقليدس مؤسس الهندسة الإقليدية.
لم ينسَ البروفيسور التعريف ببعض إسهامات الحضارة الإسلامية، خاصةً مع مؤسس علم الجبر الخُوارزمي والرياضي الفارسي عُمَر الخَيَّام.
وبعد دخول الحضارة الإسلامية في مرحلة من الركود، وتسلم أروبا مِشعل التقدم، سيظهر الكثير من علماء الرياضيات في أروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وعلى يد هؤلاء ستتشكل الكثير من النظريات والمفاهيم الرياضية، كما ستشهد الرياضيات بعض الأزمات المعرفية، وتطفو على السطح الكثير من المسائل الرياضية التي تتطلب إيجادًا للحلول…
من أبرز الأسماء التي لمعت في سماء الرياضيات بَدءًا من العصر الحديث إلى الآن نجد: فيبوناتشي وديكارت ونيوتن ولايبنتز وليونهارد أويلر وجوزيف فورييه وغاوس وبولياي ولوباتشيفسكي وريمان وغالوا، ومجموعة من الرياضيين الفرنسيين اشتهرت تحت اسم مستعار هو نيكولاس بورباكي و Alexandre Grothendieck ووهيلبرت وجورج كانتور وبوانكاريه وكيرت غوديل وباول كون وبيتر سبارناك وغريغوري بيرلمان وyuri matiyasevichtich ….إلخ.
ومن النساء استحضر البروفيسور أسماء عالمات مثل: صوفيا كوفليسكي، وإيمي نويتر، وجوليا روبنسون…
يمكننا أن نستخلص من هذه السلسلة ما يلي:
– تاريخ الرياضيات متسلسل اتخذ في غالب الأحيان طابعًا تراكميًّا، دون نفي وجود قفزات نوعية، وقطائع ابستيمولوجية تخللت تاريخ العلوم.
– تاريخ الرياضيات هو تاريخ البحث عن اليقين، غير أن هذا المفهوم الأخير نفسه سيشهد تغيرًا، ولن تفيدنا مبادئ المنطق الأرسطي كثيرًا في استيعاب التطور المعاصر للرياضيات.
– إن كان البحث الشغوف والانشغال بحل المسائل المعقدة من طرف علماء عشقوا الرياضيات هو العامل الأهم في تقدم هذا العلم، فإن ذلك لا يلغي دور عوامل مثل: الصدفة والسعي لاكتساب الشهرة ونيل الجوائز، فضلًا عن الحاجة العملية للرياضيات (كمثال المصريين والبابليين والصينين).
– أهمية الخيال الخلاق والحدس في تطور الأفكار الرياضية.
– صعوبة هدم بعض الأفكار الرياضية التقليدية نظرًا لحضور عوامل سوسيوثقافية. -كما وقع مع غاوس مثلًا- أي صعوبة تقبل المجتمع العلمي لبعض الأفكار الرياضية الثورية أحيانًا، ربما لكونه يظل محكومًا بباراديم معين.
– مع طابع التجريد الذي يغلب على الرياضيات، إلا أن ذلك غير منفصل عن استخداماتها التطبيقية العديدة في مجالات من قبيل: المعمار والزراعة والمواصلات والتكنولوجيا…إلخ.
– الدور الكبير الذي لعبته الرياضيات في تقدم علوم عدة أهمها الفيزياء والفلك…إلخ.
– إن الكون مكتوب بلغة رياضية على حد تعبير غاليلي غاليلو، وقد فتحت لنا الرياضيات آفاقًا واسعة لاستيعاب الكون.
– الحاجة إلى إبداع طرق بيداغوجية، لتحبيب الرياضيات للناشئة، وتعميم وتبسيط المعرفة الرياضية خاصة، والعلمية عمومًا، للقراء للإسهام في تكريس الثقافة العلمية في مجتمعاتنا.
رابط المشاهدة :
0 التعليقات
إرسال تعليق