مجزوءة : الوضع البشري
تقديم:
إن التأمل في الوضع البشري يجعلنانقف عند
جملة من الصعوبات والمشكلاتالتي تكتنف الوجود الإنساني، ويبدو أن السؤال الأول الذي يفرض نفسه في هذا
السياق هو: ما الوضع البشري؟
يحيل الوضع البشري إلى مجموعة من المحددات
والأبعاد التي تميزالوجود الإنساني عن غيره من أنماط الوجود الأخرى (الوجود
الحيواني مثلا). فبالنظر إلى كون الإنسان ينتمي إلى هذا الكون ويصنف داخل المملكة
الحيوانية فهو بالتالي يخضع لعدة حتميات وقوانين (فيزيائية وبيولوجية ووراثية
وكيميائية...). أضف إلى ذلك تأثير عوامل أخرى في بلورة وجوده، منها ما هو اجتماعي وثقافي
وتاريخي... كل ذلك قد يدفعنا إلى الحديث عن خضوعه للضرورة.
بالمقابل يبدو الإنسان ذاتا واعية قادرة على
تجاوز جل الإكراهات والتعالي عليها، وتحقيق حريته. وأمام هذه المفارقة يتولد نوع
من القلق والتوتر يمكن ترجمته في السؤال الآتي: هل الإنسان ذات واعية وحرة، أم أن
وجوده محكوم بشروط وحتميات عدة؟
إذا كان من الممكن مقاربة الوجود الانساني من
زوايا عدة (ما هو نفسي وبيولوجي، تاريخي، اجتماعي، سياسي....) فإنه يمكن تصنيف هذه
الأبعاد إلى قسمين: ما يحيل على الجانب الذاتي، وما يحيل على البعد الموضوعي
(المستقل عن الذات). فهل يمكن القول بأن وجودنا يتحدد انطلاقا من ذواتنا فقط، أم
أن ما هو موضوعي يتدخل للتأثير في هذا الوجود؟ وبتعبير آخر هل الوجود الإنساني
نتاج اختيارات الذات وقراراتها الواعية، أم أنه ثمرة شروط موضوعية[1]
(خاصة ما هو اجتماعي وتاريخي)؟
0 التعليقات
إرسال تعليق